کتاب جدلية إتهامات الأنبياء في النص القرآني

مقدمه

مقدمة كتاب جدلية إتهامات الأنبياء: 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ومن تبعهم وسار على خطاهم وكان مع الصفوة المختارة .

أما بعد  :

لم تكن النبوة التي اقتصرها الله على عدد من خلقه ليكونوا نعمة للناس وهداة لمسيرهم لتكون لكل فرد من افراد المجتمع من دون خصاص معينة ينماز بها من غيره ، فالنبوة مزية خاصة اختصها الله بعدد من اوليائه ، اذ قال في كتابه العزيز :
بسم الله الرحمن الرحيم

(أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)

صدق الله العلي العظيم

وعلى الرغم من هذا التخصيص الإلهي لهم وتميزهم بالاتصال بالوحي وما انمازوا به من بقية البشر فانهم مع ذلك تعرضوا الى الكثير من صور التشكيك والطعن ورميهم حتى بالكبائر والفواحش العظائم ، وبالمقابل ثمة فئة من الناس قد عظمتهم ووقرتهم وعززت صورتهم النقية وميزتهم من سائر البشر والمخلوقات .

ونحن اليوم اذ نقدم هذا الكتاب “جدلية إتهامات الأنبياء في النص القرآني” ونضعه بين يدي القارئ فإننا نسيره خطوة صوب التحقق من سيرة الأنبياء وما علق بها من اخبار وذلك عن طريق تحليل النص القرآني وبناءه الكلامي ، اذ عمد المؤلف الى تتبع كل النصوص التي اتهم بها الانبياء لقراءتها قراءة تحليلة بمنطق ما يسمى اليوم بــ (تحليل الخطاب) معتمدا على النص القرآني ذاته في اثبات حقيقة الشبهة الواردة على النبي من عدمها .

حيث حاول الباحث تتبع كل النصوص التي كانت محل شك بالأنبياء قارئا اياها بمنطق تحليل النص القرآني بدأ من النصوص التي تتعلق بالرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) منتقلا الى بقية الأنبياء صلوات الله عليهم اجمعين متنقلا بين نصوص التفسير الكثيرة والمتنوعة عارضا لها ومحللا وناقدا داعما فكرته بتأييد النص القرآني نفسه .

وايمانا منا بأهمية نشر الدراسات الجادة والابحاث القيمة المتعلقة بالقران الكريم وعلى وجه التحديد ما يتعلق منها بالشأن الفكري الذي ينظر لآليات جديدة في التفكير القرآني وتفسير الكثير من القضايا التي قد يقع فيها الوهم لابتعادها عن النص الحقيقي ……..

مقدمة مؤلف كتاب جدلية إتهامات الأنبياء : 

إذ كان اجتراح الذنب وارتكاب الخطايا يعد جزءا من كينونة الإنسان باعتبار أن المتنافرات والمتضادات تمثل جزءا من بنية الوجود – الإنساني – عموما ، فإنه يمكن القول – تأسيسا على هذا – بأن هذا الاجتراح وذلك الارتكاب يعد دليلا على ان الانسان مخلوق لا محالة ، وبهذا فإن المبعوث من السماء – نبيا كان او رسولا – قابل للخطأ لأن خطأه هذا يدل على بشريته بالضرورة ، وإذ كان يتصف بهذه الصفة ويتسم بهذه السمة فإنه سيجري مجرى الزلل قطعا وينحا منحى الهفوة دون ادنى شك ، وبالمحصلة فإنه يمكن أن يقال بأن المبعوث الإلهي لا يقدح به حين يقال فيه بأنه تارة ويصيب اخرى وأنه يصدر منه الذنب حينا ويتعفف عنه اخرى ذلك بأنه إنسان ومن جوهر الإنسان الخطأ ومن كينونته أن لا يسير على الصواب دائما لأنه ليس بكامل إذ الكمال للخالق وحده …….